عاجل
29 أبريل 2024 على الساعة 22:28

الاستراتيجية الروسية للمغرب..حوض بناء السفن في الدار البيضاء، وميناء الناظور غرب المتوسط، والغاز الطبيعي المسال، والمفاعل النووي، والبنوك، والحبوب

 تراهن روسيا في استراتيجيتها الجديدة على المملكة المغربية باعتبارها بوابة رئيسية للقارة الأفريقية، حيث تبذل روسيا بوتين جهودها  لإيجاد موطئ قدم دائم في مواجهة الغرب وحلفائه الآسيويين.

و ارتفع الاهتمام الروسي مباشرة بعد  الإعلان عن مشروع خط أنابيب الغاز بين المغرب ونيجيريا، حيث جاءت زيارة سكريتير مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف في زيارة عمل للمملكة سنة 2016 لتأكيد هدا الاهتمام، و تكريس الشراكة مع المغرب التي أصبحت مسألة أمن قومي روسي، حيث أن الديناميكية الفعالة للاقتصاد المغربي على المستوى القاري، أثارت اهتمام السلطات الروسية التي تعول على الانخراط الكلي فيه، خاصة فيما يتعلق بالطاقة و البنية التحتية، كما ينصب التركيز الرئيسي على البنية التحتية للموانئ لاسيما أن التوترات مع الاتحاد الأوربي دفعت السفن الروسية إلى البحث عن البدائل الموثوقة وكانت الموانئ المغربية في الموعد لتحقيق غاية الكرملين.

و قد صرح ميخائيل تاراسوف، رئيس المكتب التمثيلي للوكالة الفيدرالية لمصائد الأسماك (روس ريبولوفستفو) في المغرب، لوكالة الأنباء الروسية ”تاس“ أنه ”في إطار الافتتاح المرتقب لحوض جديد للسفن في ميناء الدار البيضاء, سيتم أيضًا تنفيذ أعمال إصلاح مجموعة من سفن الصيد الروسية العاملة في منطقة وسط شرق المحيط الأطلسي من قبل شركات مغربية”، مضيفًا أن “هناك خططًا لنقل قاعدة الإصلاح إلى الدار البيضاء، الأمر الذي سينقل التعاون الروسي المغربي في قطاع الصيد البحري إلى مستوى جديد.

وستتمكن الشركات المغربية لإصلاح السفن من جني ملايين الأوروهات، بالإضافة إلى توفير يد عاملة مغربية مهمة، كما أنه من المرجح أن جدب شركات روسية متخصصة إلى الةرش الكبير في الدار البيضاء متخصصة في صيانة و إصلاح السفن، ما سيخلق نوع من المنافسة الشرسة مع الأوراش الإسبانية، علما أن الاهتمام ارتفع أكبر بوجود المجموعة الفرنسية، واهتمام المشغلين الأتراك، و الكوريين و كدا الإسبان إلى جانب الروس.

وشكل ميناء الناظور غرب المتوسط بسبب دوره في مجال الطاقة، عنصر اهتمام الروس، إذ سبق سنة 2019 أن تم توقيع اتفاقية لبناء مجمع بتروكيماويات بقيمة ملياري يورو تقريبًا في المغرب في سوتشي، على هامش المنتدى الاقتصادي الروسي الأفريقي. وتشمل الاتفاقية بناء مصفاة تكرير باستخدام الخبرة الروسية وأحدث التقنيات لتكرير وتخزين المنتجات البترولية. كما يندرج هذا المشروع في إطار مقاربة صديقة للبيئة ستمكن المملكة من المساهمة في لائحة ” المنظمة البحرية الدولية 2020 “، التي تتضمن خفض انبعاثات الكبريت، والتي وقع عليها المغرب في إطار الالتزامات التي تم التعهد بها في مؤتمر الأطراف 22 في مراكش. ووفقًا للقائمين على المشروع، سيتم تطوير وتنفيذ المشروع بالشراكة مع مختلف الجهات الفاعلة الروسية في هذا المجال، والتي ستوفر الخبرة والتكنولوجيا والمعدات اللازمة. علاوة على ذلك، فإن الدعوات للمناقصة التي أطلقها المغرب لتوريد الغاز الطبيعي المسال (الغاز الطبيعي المسال) تحظى باهتمام كبير من قبل اللاعبين الروس، خاصة فيما يتعلق بسفن التخزين ومحطات التغويز.

ومع ذلك، يبدو أن المسؤولين الروس يصطدمون منذ بعض الوقت بعقبة في إجراء التحويلات اللازمة وتقديم العطاءات للحصول على العقود، خاصة في القطاع المالي.
وقال رئيس البعثة التجارية الروسية إلى المغرب: ”يتساءل ممثلو الشركات في كلا البلدين بشكل دوري عن الحاجة إلى وجود القطاع المصرفي والمالي الروسي في المغرب لتسهيل المشاركة في المناقصات الحكومية في المملكة، وكذلك للقيام بعمليات الاستيراد والتصدير المصرفية مع الشركاء المغاربة“. لا توجد مشكلة وقع بنك المغرب وبنك روسيا (البنك المركزي لروسيا الاتحادية) مذكرة تفاهم تهدف إلى تحسين وتعزيز علاقات التعاون بين المؤسستين. وتغطي مذكرة التفاهم المبرمة بين الطرفين تبادل المعلومات والخبرات في عدة مجالات، وهي تصميم وتنفيذ السياسة النقدية؛ والسياسة الاحترازية الكلية والحفاظ على الاستقرار المالي؛ وتطوير أنظمة الدفع ووسائل الدفع؛ وتطوير وتنفيذ استراتيجيات الإدماج المالي، وأخيراً مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وهناك قطاعات أخرى تهم السلطات الروسية أيضاً.

في عام 2022، وافقت الحكومة الروسية على اتفاقية تعاون بين موسكو والرباط بشأن استخدام الطاقة الذرية للأغراض السلمية. وقد تم التفاوض على الاتفاقية، التي تتضمن التعاون بين البلدين في 14 مجالاً على الأقل، من الجانب الروسي من قبل شركة روساتوم الحكومية وبالتنسيق مع وزارة الخارجية الروسية، وكذلك مع جهات أخرى وتم الاتفاق عليها مسبقاً مع الجانب المغربي. وعلى الصعيد الزراعي، قالت روسيا في أكتوبر/تشرين الأول إنها مستعدة لتوريد القمح إلى المغرب بسعر معقول. ووفقاً للسفير الروسي في المغرب، فلاديمير بايباكوف، في مقابلة مع وكالة تاس، فإن ”روسيا والمغرب تصدران إلى كلا البلدين المنتجات الأكثر طلباً في أسواقهما. يمثل الفحم والمنتجات البترولية نسبة كبيرة من الواردات المغربية، بينما تشتري روسيا الحمضيات والأسماك. نحن مستعدون لتوريد القمح إلى السوق بسعر معقول. ونظرا للظروف الجيوسياسية الجديدة وتفاقم أزمتي الطاقة والغذاء، فإن هذا النوع من الشراكة يكتسي أهمية خاصة.